سوء الظن
سوء الظن
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فهذا درس آخر من دروسنا في مداواة النفوس، والنظر فيها وفي أمراضها وعللها، ثم التعرف على أسباب وطرق علاجها.
والكيس - أيها الإخوة - من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني. فكن كيِّساً فطناً تنظر لنفسك وتحاسبها، ثم تعالجها وتقومها، حتى تتأدب لك على ما يرضي الله سبحانه وتعالى من أخلاق وأعمال وعبادات.
تعريف المرض:
ودرسنا هذه الليلة المباركة في مرض خطير أفّاك، من سلم منه فقد سلم من شر عظيم، دبّ في الناس لأسباب كثيرة؛ ألا وهو مرض سوء الظن، الظن السيء، اتهام الآخرين، إذاً هو وهم واتهام، ورمي للآخرين بالسوء من غير دليل ولا برهان، فيظن فيه أنه سارق، أو كاذب، أو يظن فيه أنه منافق، أو يظن فيه أنه رجل فيه وفيه من أوصاف السوء، وهذا مرض دبّ في كثير من الناس؛ هذا يسيء الظن بجاره، وذاك يسيء الظن ببعض أقاربه، وآخر يسيء الظن بزميله وصديقه، ومنهم من يسيء الظن في بعض الدعاة إلى الله والعلماء، والناس في هذا على صروف ومناهج.
مظاهر المرض:
وحتى تكتشف هل يوجد هذا المرض فيك أو لا؟ وما حجم انتشاره فيك وفيمن حولك من الناس؟ فإن له مظاهر.
إننا إذا أردنا أن نتعرف على هذا المرض، فإن من مظاهره الظاهرة على من كانت فيه: الفضول والتطفل؛ فيبدأ أولاً بالبحث كثيراً والتنقيب عن حال فلان وحال فلان وأخبار فلان، من أجل أن يظفر ببعض ما يظن أنه قرائن وحجة وأدلة تؤكد ظنه السيئ، وهو في هذا يطمس كل فاضلة، وكل دليل قد يكون دفاعاً عن هذا الرجل، ويجمع كل رذيلة وكل تهمة قد تلصق به ظن السوء هذا، ثم ينتقل بعد ذلك إلى تفسير المواقف والنيات بأشياء لا تلزم؛ فإذا جمع المواقف جعلها مواقف سيئة، ولو قصد صاحبها منها الخير، ولو كانت ظاهرة في الخير، فإنه يلوي أعناقها، ويجتهد في تفسيرها بأبشع ما يكون من التفسيرات والنيات، ودائماً ما يكثر من قوله: هو يقصد كذا، هو يريد كذا، هو ما أراد إلا هذا.. فيتكلم عن النيات الغيبية، ظن أنه اكتشفها لما تعاطى سوء الظن هذا.
ثم ينتقل بعد ذلك إلى مظهر آخر أبشع، وهو نشر الشائعات بلا تثبت، فيبدأ ينشر هذه الظنون السيئة بطرق مختلفة؛ إما بكتابة، وإما باتصالات، وإما بالجلوس والتحدث مع الناس أو غير ذلك، فينشر فيه الإشاعات السيئة أنه قال وأنه فعل، وأنه يريد وأنه فيه، وكذا وكذا من الأمور.
ذم هذا المرض:
أخي في الله، إن بدت عليك بعض هذه الأعراض، فأنت مبتلى - والعياذ بالله - بمرض سوء الظن، وعليك أن تعرف أن هذا مرض ومعصية وإثم، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ .. ﴾، [الحجرات12]، فهذا منهج يرشدنا الله سبحانه وتعالى فيه أن نجتنب كثيراً من الظن؛ لئلا نقع في بعض الإثم، يقول عليه الصلاة والسلام: ( إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث ) إذاً من يعتمد كثيراً على أحكام الظن فهو حقيقة يعتمد على الكذب، هذه الآيات والأحاديث دلت على تحريم سوء الظن، وأنه من الإثم، بل من أكذب الحديث، وأما ما جاء في بعض ما يُنقل أن الحزم سوء الظن، أو مثل: احترسوا من الناس بسوء الظن، فهي أحاديث ضعيفة لم تصح عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، فالظن السيئ محرم، ويجب اجتنابه ما دام أنه قام بلا دليل صادق.
أسباب المرض:
وهذا المرض له أسباب: من أسبابه خبث النية، فيكون - للأسف - هذا الإنسان - أصلاً - خبيث النفس، يبحث عن السوء، وينقب دائماً عن السوء، ويرمي الناس بالسوء، والإنسان إذا كان السوء في نفسه متجذراً، فإنه يراه في كل الناس، وكما قيل: كلٌ يرى الناس بعين طبعه، فيرى فيهم هذا السوء؛ لأنه هو أصلاً - للأسف - نفسه خبيثة وسيئة، فيفسر الأفعال بأسوأ ما يكون، يصلي رجل في الجماعة، فيقول: ما يصلي في الجماعة إلا لأجل أن يرائي، يتكلم آخر وينصح الناس يقول: ما نصح الناس إلا لأجل أن يمدحوه أو يعطوه، يتصدق ثالث على الناس بالخير، يقول: ما تصدق هذا إلا لأنه أراد كذا وكذا من السوء، وهكذا، ما يأتي بفعل إلا وتفسره نفسه السيئة بأسوأ ما يكون.
من الأسباب - أيها الإخوة - البيئة السيئة؛ فيكون - للأسف - هو نشا في بيئة سيئة بالظن، تظن السوء بالناس، إما في بيئة أصحابه وزملائه، وإما في بيئة أقاربه وأهل بيته، فدائماً يسمع الظن السيئ منهم، وهذا يجعله هو كذلك يجاريهم في هذا، فهذه الطائفة سيئة الظن في الطائفة الثانية، وهذه قبيلة يسيئون الظن في القبيلة الثانية، وهذا الجار يسيء الظن في الجيران الآخرين، فينشأ من نشأ في وسط هذه البيئة على سوء الظن، ويتربى على ذلك، فيكون له طبعاً، وهذه مصيبة، يقول الله عز وجل: ﴿ بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً ﴾ [الفتح12]، فهم قوم فاسقون، سيئون، ولذلك ظنوا ظن السوء بالصالحين.
من أسبابه - أيها الإخوة - عدم التربية على المنهج الصحيح منهج الكتاب والسنة في الحكم على الأشخاص والطوائف، فما معه منهج، كل ما سمع كلاماً بنى عليه أحكاماً، دون أن يسلك مسالك أهل العلم - أهل السنة والجماعة- في الحكم على الأشخاص، ولهم مسلك يتبين لنا - إن شاء الله - مع العلاج، فتجده بمجرد ما تأتيه الأخبار يبني عليها مباشرة، دون أن يكلف نفسه أن يتأكد من شيء، تجده بمجرد ما يسمع شيئاً يسلسله إلى أكبر منه، دون أن يكون هناك ثمة تسلسل منطقي، أو أسباب حقيقية وراء هذا، ما فيه منهجية - أصلاً - في الحكم على الناس، فضلاً أن تكون عنده منهجية خاطئة !!.
من أعظم أسباب سوء الظن: إتباع الهوى، ولذلك أشار الله سبحانه وتعالى لهذا السبب فقال: ﴿ .. إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ [النجم23]، إتباع الهوى مصيبة، وكثير من الناس - للأسف - يحكم على الآخرين بحسب هواه، أنت معي وأنا أحبك فأنت أحسن الناس، ولو كانت فيك أسوأ ما يكون من الصفات فإني لا أراها لأنك صاحبي!، وذاك الثاني أعاديه وأخالفه، وانظر إلى كل السيئات فيه، وإن لم تكن موجودةً، كما قال الأول:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ♦♦♦ كما أن عين السخط تبدي المساويا
فإذا سخطت من إنسان فتشت ونقشت حتى أخرجت ما ليس فيه، وحملت كلامه أسوأ ما يكون، وأفعاله أسوأ ما يكون؛ لأنك تكرهه، وإذا أحببت إنساناً نسيت كل أخطائه وكل مساويه، وفسرتها وهي لا تفسر إلا على الأمر السيئ، ففسرتها بأمور حسنة، وهذا - للأسف - لأن الإنسان يتبع هواه، لا يتبع المنهج الصحيح، منهج الكتاب والسنة في الحكم على الناس والطوائف، فمن أحبه فلا يرى فيه سوءاً، ومن كرهه فلا يرى فيه خيراً.
آثار المرض:
أيها الإخوة، ينبغي لنا أن نعالج أنفسنا، وأن نغير من هذه الطبائع، حتى تتمنهج بمنهج صحيح في الحكم على الناس، أنا لا أقول أن أكثر الناس يسيئون الظن لأن نفوسهم سيئة، هذا موجود عند بعض الناس، لكن أكثر ما نسيء الظن؛ لأننا -للأسف - ما اتبعنا المنهجية الصحيحة في الحكم على الناس، وهذا خطير؛ لأن له آثاراً تضر بك كفرد، وتضر بنا جميعاً كمجتمع، فمن آثار سوء الظن: الوقوع في سلسلة من المعاصي كان سببها سوء الظن، يعني لا تنتهي فقط أن تسيء الظن بهذا الإنسان وتقع في الإثم، لا، بل يأتي بعد ذلك أشياء وأشياء، فمن ذلك: التجسس، والتحسس، والتنقيب، فتبحث عن حاله وما يفعل، وتتحسس وتقرأ وتسمع وتسأل، وقد نُهينا عن التجسس، نهيت عنه لما في ذلك من ضياع الوقت في هذه الأمور، والسبب سوء الظن. ثم تأتي بعد ذلك: الغيبة، والنميمة، والكلام في عرضه. ثم يتولد بعد ذلك التقاطع والتدابر والفرقة والاختلاف، كل هذا سببه سوء الظن، معصية أتت بمصائب، ولذلك أشار الله إلى هذا فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً.. ﴾ [الحجرات12]، لأن سوء الظن يؤدي إلى التجسس والتنقيب، وهي معصية أخرى ويؤدي إلى الغيبة وهي معصية أخرى، كما يؤدي إلى التدابر والتقاطع والاختلاف.
أخي في الله، إذا بليت بهذا المرض فقد بليت بمصائب، ثم إن أثر هذا المرض على المجتمع لا شك أنه سيكون سيئاً؛ فيؤدي بالمجتمع إلى الفرقة والاختلاف، فإذا بالأقارب تفرقوا، وإذا بالجيران اختلفوا، وإذا بالدعاة إلى الله تحاسدوا وتباغضوا وتدابروا، فافترق الناس واختلفوا، والسبب كله سوء الظن، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران105].
علاج المرض:
إذاً ما هو العلاج - أيها الإخوة -؟ ما هو العلاج قبل أن يستشري فينا هذا المرض، وقبل أن يوبقنا في معاصينا؟ من منا الذي يسلم من هذا؟.
إن من أهم العلاج: أن نتذكر دائماً عواقب سوء الظن، عواقبه علينا في الدنيا والآخرة، عواقبه السيئة علينا كأفراد، وعلينا كمجتمعات، إنك إذا تذكرت سوء الظن وما يؤدي بك، عرفت أنك يجب أن تعالج نفسك، وهذا أول خطوات العلاج، أن تعلم أن هذا المرض خطير، وإذا تهاونت فيه، وتركت علاجه، فإنه سيؤدي بك إلى الهاوية - والعياذ بالله - وانتبه أن الناس أكثر ما يكرهون سيئ الظن، سبحان الله! القلوب تنفر من سيئ الظن؛ لأن الناس لا يتحملون أن يُساء الظن بهم، فلا يقبلوا أن يُساء الظن أيضاً بغيرهم.
من العلاج: الحرص على سلامة البيئة المحيطة بك من مرض سوء الظن، احرص أن تكون في بيئة بعيدة عن سوء الظن، اخرج من البيئة التي دعتك إلى سوء الظن، أو اعتزلها في الشر الذي فيها؛ لأن الجلوس مع هؤلاء يجعلك - للأسف - تأخذ منهجيتهم، وتسلك مسالكهم، وهذا الذي يؤدي بك إلى سوء الظن، فابتعد عن الأسباب الباعثة، ومن أهم الأسباب قضية البيئة الموجودة، ثم ما يكون من طمع في الدنيا، وحب للرفعة، هذا أيضاً يؤدي إلى سوء الظن بالآخرين.
من أهم العلاجات - أيها الإخوة - اتباع المنهجية الصحيحة في الحكم على الأشخاص والطوائف، لنتبع هذه المنهجية التي دل عليها الكتاب والسنة؛ لا تحكم على إنسان بشيء، ولا تسيء به ظناً، فضلاً أن تسيء به حكماً، حتى تتبع هذه الخطوات، أما أن تكون متبعًا الهوى، أو ترمي جزافاً لا تبالي، فانتبه لنفسك، حاسب نفسك، راقبها، جاهدها في الله عز وجل، لا تجعلها هملاً، وإلا ستسلك بك - والعياذ بالله - مسالك الردى، قبل أن تحكم على أحد فاعرف أن منهجية الكتاب والسنة في ذلك على خطوات:
الخطوة الأولى: أن الأصل إحسان الظن بالمسلم، فالأصل أن المسلم الظن فيه يكون حسناً، فأي فعل يفعله المسلم ابحث له عن سبب حسن، واعزه إليه، يقول عمر رضي الله تعالى عنه: " إذا سمعت من أخيك شيئاً، فاجعل له مائة عذر واحمله عليه، فإن لم تجد أي عذر، فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه " يقول الله عز وجل: ﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً.. ﴾ [النور12]، ولئن تخطئ - أخي في الله - في إحسان الظن، خير لك من أن تخطئ في سوء الظن، طبعاً هذا لا يعني أننا لا ننتبه للناس، ونحترز منهم، لكن هذا يكون على خطوات، تأتينا الآن. إن شاء الله ..
الخطوة الثاني: أننا ننظر إلى الظاهر، ونترك السرائر إلى الله، فلا تبنِ أحكامك على أساس أنا أعرف ماذا يريد، أنا أعرف إيش في نيته، أنا أعرف ماذا يقصد، لا، أنت ما تعرف، هذه أمور نيات، ما جعلها الله سبحانه وتعالى إليك، احكم على الظاهر فقط، فعل كذا إذاً هذا ظاهره كذا، دون أن تحاول أن تحوّل الأمر الطيب إلى أمر سيئ بحجة أني أفهم ما يريد، وأعرف نيته، فهذه أمور ليست من موازين الكتاب والسنة في الحكم على الأشخاص، يقول عليه الصلاة والسلام في حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها: ( أيها الناس، إنما أنا بشر، وإنكم تختصون إلي، وقد يكون بعضكم ألحن في الحجة من بعض - يعني يستطيع يعبر ويتكلم ويدافع عن نفسه - وإنما أقضي بنحو ما أسمع ) هذا منهج الرسول عليه الصلاة والسلام، يقضي بالظاهر، بل ويقول لأسامة بن زيد لما قتل ذاك الذي قال: لا إله إلا الله خوفاً من السلاح: (أشققت عن قلبه؟!) فأنت لك الظاهر، وفي هذا الظاهر اعتمد على الدليل والبرهان، جاءك إنسان ينقل لك خبراً، قل هات الدليل، إن كنت تنقل فالصحة، وإن كنت تحكم فالبرهان، إن كنت تقول: فلان قال كذا وكذا، فأعطني صحة النقل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات 6]، فاستوثق مما أخبرتَ به تماماً كأنك تحكم على نفسك، ولا ترضى على الناس إلا ما ترضى لنفسك، وإن كان حاكماً فقل له: هات الدليل، هات الأدلة قبل أن تحكم عليه، ما الدليل؟ ﴿ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة111، والنمل 64]، يقول الله عز وجل في جريمة الزنا ﴿ لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء.. ﴾ [النور 13]، لابد من الأدلة، ولابد من الشهود قبل أن نحكم على الناس، إذاً اسلك هذه المنهجية؛ في البداية أحسن الظن بالناس وأجرهم على الظاهر، فإن جاءك شيء يدعوك لتغيير هذا الأمر، فتأكد من صحته، وابحث عن أدلته، وإلا ابق على الأصل، فإن تعارضت عندك الأدلة فهنا رجّح، ولا تنس أن الأصل إحسان الظن بالناس، والله عز وجل لن يسألنا عن فلان وعن فلان، بل سيسألنا عن أفعالنا نحن، وهل سلكنا منهج الكتاب والسنة في ذلك أو لا؟.
أيها الإخوة، نحن بحاجة أن نربي أنفسنا لنخرج من هذا المرض:
أولاً: بعدم مخالطة أمثال هؤلاء الذين يدعوننا أن نسيء الظن بالناس، وثانياً: أن لا نحكم على أحد من المسلمين إلا بحسن الظن، فإذا حكمنا بغير ذلك، فلنتق الله عز وجل، ولنعد جواباً بين يدي الله، تثبت وتبين، ثم انظر للأدلة وهل هي توازي الحكم، ولم يعارضها شيء؟ فإن كان كذلك فقل وأنت في هذا مأجور؛ لأنك بحثت عن الحقيقة، وإلا فلا تعرض نفسك لهذا المرض، فإنه يبدأ قليلاً قليلاً، حتى يصبح والعياذ بالله! خلقاً راسخاً في الإنسان، فإذا به لا ينظر بعد ذلك للناس ولا يحكم عليهم إلا بأسوأ ما يكون من الظنون.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعافينا وإياكم من هذا البلاء، وأن يرزقنا وإياكم تقواه والعمل بما يرضاه.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكّاها، أنت وليها ومولاها، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.
0 التعليقات: