انتشار الطب البديل

انتشار الطب البديل





ظاهرةُ الرجوع إلى العلاج الطبيعي انتشرتْ في الآونة الأخيرة، أو ما يُطلق عليه حديثًا مصطلح "الطب البديل"، واختلف الأطبَّاء حولَ هذا النمط من العلاج بيْن مؤيِّدٍ له معترف بفعاليته، ومعارِض يتَّهمه بالقصور وبالتخلُّف عن مواكبةِ الأبحاث والاكتشافات العِلميَّة الحديثة، في الوقت الذي لجأ إليه الكثيرون بعد أن أعياهم التنقُّل بين الأطباء.

1- ما هو التعريف العِلمي للطبِّ البديل؟ وما هي خلفية تسميته بهذا الاسم؟
 الطبُّ البديل: هو الطبُّ الذي لا يُدرس في كليات الطبِّ التقليديَّة، ولا تذكره المجلاَّت الطبيَّة الحديثة في مقالاتها، ويشمل أنواعًا عديدة من المعالجات، ومِن أشهرها: طب الأعشاب، والطب الصِّيني، والعلاج بالغذاء والماء.

أمَّا خلفية تسميته بالطبِّ البديل، فربَّما تكون من البلاد الغربية؛ حيث يعتبرونه بديلاً تامًّا للطبِّ الحديث، بينما نحن نفضِّل كلمة: الطب التكميلي Complimentary Medicine، بحيث يكون جنبًا إلى جنب مع وسائل الطبِّ الحديث في علاج المرضى، وبهذا نبعد الفكرةَ العدائية التي قد تظهر من مسمَّى الطبِّ البديل.

2- ما هي مصادرُ علاجات الطبِّ البديل، وكم تبلغ نسبةُ اعتماده على قواعد البحث التجريبي؟
 مصادر الطبِّ البديل العلاجية متعدِّدة جدًّا، ولكن مِن أقواها وأشهرها: النباتات الطبيَّة، التي يبلغ عددُها التقريبي في العالَم نحوَ نصف مليون، وكلُّ نبات له خصائصُه وموادُّه الفعَّالة.

أمَّا المصادر الأخرى، فهي المعادن ومنتجات النَّحْل، والطاقة والمغناطيس، والوخْز بالإبر الصِّينيَّة، والعلاج بالماء والأوزون، والضغط على مناطق الطاقة، والطب المثلي، وغيرها الكثير، وبالطبع لا نغفل عن الرُّقية الشرعية، والعلاج بالقرآن.

ومِن أهمِّ وسائل الطب البديل العلاجية: النظرة العامَّة للمريض، بحيث تؤخذ في عين الاعتبار أحوالُه البدنية والنفسية، والرُّوحانية؛ وليكون التشخيص دقيقًا، والعلاج ناجحًا - بإذن الله.

أمَّا نسبة اعتماده على قواعد البحث التجريبي، فهناك العديدُ من الدِّراسات التي تُجرى عالميًّا على النباتات المفردة والمركبة، التي تبيِّن - بما لا يدع مجالاً للشك - فاعلية النباتات الطبية في العلاج، ولكن تبقى إشكالية طبيعة الدِّراسات الحديثة التي تصلح للبحث العِلمي على مادة واحدة أكثرَ مِن صلاحيتها لتقويم نبات فيه عشراتُ المركَّبات الفعَّالة، لذا نادى العديدُ من العلماء بتطوير آلية بحث أخرى، تختلف عن هذه المعتمدة حاليًّا؛ لتقويم فاعلية وسائل الطبِّ البديل.

3- هل اعترف العالَم الغربيُّ بهذا النوع من الطبِّ بحيث اكتسب صفة العالميَّة؟
 بالطبع، فهذا النوع من الطبِّ معترَف به في العديد من الدول الغربية المتقدِّمة، وعلى رأسها ألمانيا، ثم فرنسا، ثم إسبانيا وإيطاليا، وأوروبا الشرقية، ومؤخَّرًا تم إصدار تشريعات جديدة في كلٍّ من كندا والولايات المتحدة وبريطانيا تعترف بهذا النَّوْع من الطب، وبدأتِ العديد من الجامعات تُدخل محاضراتٍ عن الطبِّ البديل ضمنَ مناهج كليات الطب.

4- هل أصبح الطبُّ البديل منافِسًا للطبِّ الحديث؟ وهل يُستغنَى عن أحدهما دون الآخر، مع مراعاة مصلحة المريض؟
 يجب أن نعلم أنَّ الطبَّ - بشكل عام - قام لخِدمة المرضى، ويجب أن تكون مصلحةُ المريض هي الأٍساسَ في العملية الطبيَّة ككل، ولو تأملْنا ما يحدُث في هذا الزمان، لوجدْنا أنَّ العودة للطبِّ البديل هي عودة من الناس؛ أي: جمهور المرضى وذويهم، الذين فقدوا الثِّقةَ في العلاجات الحديثة التي يغلب عليها طابع التسكين والتهدئة، ولها مضاعفاتٌ كثيرة وخطيرة؛ لذا فهم يريدون بدائلَ طبيعيَّة تساعدهم في الشِّفاء، وتصرف عنهم سيئاتِ الدواء، فأصل عودة الطبِّ البديل هي من المرضى أكثر منها من المعالِجين بوسائل الطبِّ البديل، وهذه نقطة مهمَّة جدًّا؛ بحيث لا نفهم أنَّ العودة إلى الطبيعة هي من نتائج حملات دعائية، قام بها المعالِجون بوسائل الطبِّ البديل.

كم تبلغ نسبةُ اهتمام الشباب بهذا التخصُّص؟ وهل يوجد في العالَمين العربي والغربي كلياتٌ تُعنى بتدريسه؟
 نسبة اهتمام الشباب الدارسين لهذا التخصُّص لا زالتْ دون المستوى المطلوب؛ لأنَّ معظم طلاب الطب يرغبون في التخصُّصات الطبيبة المعروفة، التي يتعرَّفون عليها من خلال تدربيهم في كليات الطب والمستشفيات الجامعية، فيكون أستاذهم قدوتَهم في هذا التخصُّص أو ذاك، هذا من ناحية، وأمَّا من الناحية الأخرى، فلأنَّ موقف الدول العربية من هذا التخصُّص لا يزال موقفًا متشدِّدًا متحفظًا للأسف الشديد، فلا توجد كلياتٌ أو جامعات تدرس هذا النوع من الطبِّ حتى الآن، بينما نجد في العالَم الغربي - وخاصَّة كندا وأستراليا وبريطانيا - كليات جامعية تدرس هذا التخصُّص حتى درجة الماجستير.

6- هل يعتبر الطب النبويُّ رديفًا للطب البديل؟
 يمكننا القول بأنَّ الطبَّ البديل يشمل ما جاء في الطبِّ النبوي من وسائلَ وقائية وعلاجية، وبالطبع لنا أن نعتزَّ بما لدينا مِن كنوز علاجية في القرآن والسُّنة المطهَّرة، مثل ماء زمزم، والحجامة، وغيرهما ممَّا ورد في الطب النبوي.

7- ما هو دَوْر الطب البديل في صناعة الدواء؟ وهل يتدخل في الحالات المرَضية التي تحتاج إلى جراحة؟
 بدأتْ مصانع الدواء بإنتاج أدوية عُشبيَّة تباعًا - ولله الحمد - ونرى بين يوم وآخرَ توفُّر علاج نباتي أو بحري في الصيدليات؛ رغبةً من شركات الدواء في ركوب الموجة أيضًا، والاستفادة من العودة العالمية للطبِّ الطبيعي، وهذا الأمر نشجِّعه ونحن مسرورون به، أما الحالات التي تحتاج إلى جراحة، فهذا أمرٌ نسبيٌّ، ويختلف من شخص لآخرَ؛ لأنَّ الحاجة إلى الجِراحة في الكثير من الحالات يختلف عليها الجرَّاحون أنفسهم، فمثلاً: يختلف الجرَّاحون في معالجتهم للمصاب بالانزلاق الغضروفي في الظهر؛ فبعضهم ينصح بإجراء عملية جراحية، والبعضُ الآخر ينصح بعدمها، وهم مِن نفس التخصُّص، وذلك بناء على التجرِبة الشخصية لكلِّ طبيب، وتقويمه لحالة المريض العامة.

هنا يمكن لنا في طبِّ الأعشاب أن نعطيَه أعشابًا على شكل كمادات تُوضَع على منطقة الدِّيسك، بالإضافة إلى أعشاب يمكن احتساءُ منقوعها، فتخفف الاحتقان الداخلي الناتج عن الدِّيسك، فيتحسَّن المريض بصورة مُرضية.

ولكن بالطبع هناك حالات لا بدَّ من الجراحة فيها، مثل: استئصال ورم، أو علاج زائدة ملتهبة، أو علاج الكسور...إلخ، فهذا عالَم بذاته عُرِف منذ القِدَم، وقد برع أطباء كثيرون في هذا المجال.

8- كيف يستطيع الشبابُ الاستفادةَ من هذا الاختصاص في علاج بعض الحالات المَرضية، كالأرق والدوار، وحَبّ الشباب، وآلام الظهر، والخمول، والسُّمنة وغيرها - بطُرق سهلة ميسَّرة؟
 نحن نوصِي الشبابَ أن يحافظوا على صِحتهم من خلال اتِّباع العادات الصحيَّة السليمة، التي تَقيهم هذه المشاكلَ الصحية، بحيث يتجنَّبون التدخين والسَّهَر، والجلوس الخاطئ لفترات طويلة، كذلك من الأفضل الامتناعُ عن المأكولات التي تهيِّج حَبَّ الشباب؛ مثل المأكولات الدُّهنية والمبهَّرة والمعلَّبة، والمشروبات الغازية، وعليهم أن يمارسوا الرِّياضة، ويستنشقوا الهواء النقي، ويخرجوا في رحلات عملية صحية؛ فكل ذلك له الدَّوْر الأكبر في منْع تلك الأعراض المذكورة في سؤالك، أمَّا في حال حدوث هذه المشاكل، فيمكن مراجعةُ طبيب متخصِّص في مجال الطبِّ البديل، بحيث يحصلون على المطلوب بطريقة سهلة ومريحة، يصعب ذِكْر تفاصيلها هنا.

9- ما مدى وعي الناس بأهمية هذا العلم؟ وكيف ترون مستقبلَه عربيًّا وعالميًّا؟
 حقيقةً، إنَّ الوعي يزداد تدريجيًّا، وخاصَّة أن العديد من المحطات الفضائية بدأتْ تبث برامج تشجِّع الناس على العودة إلى الطبيعة، وبعيدًا عن بعض التجار الذين يركبون الموجةَ، ويحاولون استغلالَ حاجات الناس استغلالاً بشعًا، فإنَّ هناك زيادةً مطَّردة في الوعي حولَ هذا الموضوع، وأعتقد أنَّ القضية ستكون مسألةَ وقت، بحيث نرى - بعد حين ليس ببعيد - قيامَ كلِّ دول العالَم بالاعتراف بهذا النوع من الطب، وإدخاله في مناهج كليات الطب، والاعتراف به باعتباره تخصُّصًا له تقديره واحترامه، وفروعه المختلفة.

0 التعليقات:

الحقوق محفوظه الصحة والطبيعة